يشهد العالم، في السنوات الأخيرة، ثورة كبيرة في عالم الجمال والغداء. وتتعالى، من هنا وهناك، مطالب عالمية للعودة إلى الطبيعة الأم.. إنه زحف البيو إلى العقليات قبل البيوت. والجزائر، في هذه القرية الصغيرة التي اسمها العالم الافتراضي، لم تسلم من هذه الفرينيزيا، التي نسميها “صديقة تحب لنا الخير”…
بدأت ثقافة البيو تترسخ في أذهان الجزائريين، خاصة لدى النساء، اللواتي أصبحن يبحثن عن كل ما هو طبيعي، سواء لجمالهن أم لطعامهن، بعد غزو طويل لكل ما هو كيميائي. ولم يعد الأمر يتعلق بالطبقة المخملية فقط، بل بمختلف طبقات المجتمع. فالمواد الطبيعية، قد تكون باهظة بعض الشيء، ولكنها ليست أغلى من صحتنا، خاصة أن الناس بدؤوا يدركون مخاطر المواد الكيميائية والمبيدات على صحة الجسم، ومساهمتها في رفع نسبة أمراض السرطان، ومشاكل القلب والشرايين والقائمة طويلة.. حتى الشيوخ والعجائز، قد أدركوا تلك الحقيقة قبلنا، منذ عشرات السنين، ونبهونا.. ولكن آذاننا وقرت.. وكم من جد أو جدة لا نفهم شغفهم بزراعة الطماطم والخيار، بدل الغاردينيا والياسمين في حدائقهم.
ثقافة الزراعة بيو، ليست رائجة لسوء الحظ بين أوساط الفلاحين، الذين يطمحون إلى محاصيل كبيرة. وهذا، ما تمنحه لهم الأسمدة والكمياويات، التي يستعملونها، خاصة للقضاء على الحشرات وغيرها من المهددات لصحة حقولهم، رغم أن الزراعة الطبيعية كانت وبوعي كبير رائجة عند أجدادنا، الذين يدركون الفرق بين ما هو طبيعي وما هو غير ذلك.
ومن بين 8,5 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية، لا نجد إلا أقل من ألف هكتار، مخصصة للزراعة بيو، دون أسمدة كيميائية وعلاجات محفزة ومبيدات. أسباب عزوف المزارعين عن الزراعة الطبيعية عديدة، منها شح منتجها، وأيضا خضوعها للتقلبات المناخية.. فالمنتجات الطبيعية مكلفة، وثمنها عند العرض قد يكون باهظا. بعض التجارب الناجحة للزراعة البيو موجودة في الجزائر، مثل زيت الزيتون “أرباأوليف” الموثوق من هيئة “بيوسرت” الجزائر، التي حازت الميدالية الفضية في مسابقة زيت الزيتون، في عدة بلدان، هذا العام. كما فازت بالجائزة الأولى في مسابقة تونس الدولية لزيت الزيتون البيولوجي، في فئة “الحصاد المبكر، البكر الممتاز العضوي”.
في الجزائر، يجب أن ندرك أننا أحيانا نضع في صحوننا منتجات قد تسافر آلاف الكيلومترات، آتية من فرنسا والبرازيل وكندا والصين وغيرها.. فلم لا نشجع مزارعينا على زراعتها في أرضنا العذراء، كي تنتج محصولا صحيا، يزيد مناعتنا وقوتنا.
الجمال بلا كيمياء
على مواقع التواصل الاجتماعي، الكل يتنافس لتقديم منتجاته الطبيعية… صفحات على فايسبوك وإعلانات على إنستغرام وفيديوهات على يوتيوب.. الكل يفتخر بكون منتجاته لا كيمياء فيها.. أما المنتجات الأكثر طلبا، فهي الصابون وأملاح الحمام، والطين الأخضر، ومنتجات العناية بالبشرة. مواد التجميل بيو تعرف بشكلها الجميل وقنيناتها التي تكون عادة زجاجية، ويمكن إعادة تدويرها. فـ”البيو” أيضا صديق للبيئة. الأسعار هاهنا مغرية أيضا، تتراوح ما بين 300 دينار إلى 3000 دينار أو أكثر، بحسب المكونات، مثل العسل واللافندر والزيوت العطرية.. فلكل مكون في البيو مكانته وثمنه.